نادي أمالا تريبل باي مارينا لليخوت
يُعد مشروع أمالا أحد أبرز المشاريع السياحية الضخمة، أو كما يُطلق عليه "الغيغا بروجيكت"، التي تشهدها المملكة العربية السعودية على ساحل البحر الأحمر. فجُزره الساحرة تتشكل تدريجياً لتصبح واحدة من أهم الوجهات الترفيهية في العالم. وتُعد جزيرة شورى، التي تقع على بُعد 25 دقيقة من الساحل، المركز الرئيسي لهذا المشروع، وهي الموقع الذي تُشيد فيه أولى وحدات السكن في مشروع البحر الأحمر. أما أمالا، فهي وجهة فريدة تُعنى بالعافية والاستجمام، تقع بين البحر وجبال الحجاز.
ما يميز أمالا هو ساحلها الفريد المعروف باسم تريبل باي، وسُمي كذلك نظراً لتكوينه المميز الذي يشبه الأصداف المتتابعة. ويُعد هذا الساحل واحد من أربعة مخططات رئيسية ضمن الوجهة الكبرى لأمالا، وسيحتضن إحدى عشرة منطقة سكنية راقية. ويُعد مفهوم العافية والاستشفاء المحور الأساس في هذه الوجهة، وتحتضن المنطقة منتجعات عالمية مثل "كلينيك لا برايري" و "جاياسوم". كما يمكن للمقيمين والزوار الاستمتاع بعالم كامل من الأنشطة البحرية في نادي اليخوت في أمالا، الذي يقع في أحد أطراف الخليج، والمقرر افتتاحه في ديسمبر 2025، على أن يُستكمل بالكامل بحلول منتصف عام 2027.

ريفييرا جديدة تتشكل
يُعاد رسم صورة البحر الأحمر كوجهة ساحلية فاخرة للحياة الراقية والاستجمام، يمكن مقارنتها بوجهات مثل جزر المالديف أو سيشل. لكن في الحقيقة هو أشبه بريفييرا جديدة تحمل طموح ضخم لإعادة تشكيل الصورة العالمية عن الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن هذه المقارنات لا تُنصف البحر الأحمر، فبحسب من زاره، لا يوجد ما يشبهه في أي مكان آخر. فمياهه الفيروزية البراقة ومناخه المعتدل على مدار عشرة أشهر في السنة، مع مناظره الطبيعية الخلابة، تجعل منه كنز بيئي فريد.
ومن أبرز أهداف تطوير البحر الأحمر تحويل المملكة إلى مركز إقليمي لليخوت، لتصبح وجهة سياحية نابضة بالحياة طوال العام. ويُعد نادي اليخوت في أمالا، تريبل باي حجر الزاوية في هذا الطموح، إذ يوفر جميع المرافق والبنية التحتية اللازمة لتجربة بحرية فاخرة متكاملة. ويضم المرسى 116 رصيف مخصص لليخوت الفاخرة، تتراوح أطوالها بين 120 و140 متراً، بعمق يبلغ ثمانية أمتار. وسيتم توفير جميع خدمات الدعم لأصحاب اليخوت، بما في ذلك الصيانة في الموقع، كما يجري العمل على تسهيل إجراءات الدخول والمغادرة الدولية لضمان تجربة سلسة للمسافرين حول العالم.
ولن يكون النادي مجرد مرسى لليخوت، بل منتجع متكامل بحد ذاته، يضم مطاعم ومقاهي ومتاجر راقية، إلى جانب أجنحة عمل ومرافق ترفيهية متعددة، يتوجها مسبح علوي بإطلالة بانورامية على البحر. ورغم تشجيع الزوار على استكشاف كافة جوانب وجهة أمالا، إلا أن نادي اليخوت سيكون وجهة حيوية مميزة بحد ذاتها.
تصميم مستوحى من البحر
يستند مشروع البحر الأحمر بأكمله إلى مفهوم الاستدامة والمسؤولية البيئية. وقد تبنّت شركة فورست وشركاءه العالمية هذا المبدأ في تصميم الفنادق والمساكن في الجزر كافة، بينما تولت شركة اتش كي اس المعمارية تصميم نادي اليخوت في أمالا تريبل باي. وشاركت مجموعة روبيرت بيرد في الهندسة الإنشائية، مركزةً على تقليل استخدام الخرسانة في الطوابق الطويلة واستخدام خليط أكثر كفاءة في الكربون حيثما استُخدمت الخرسانة، مع تطبيق حلول للحد من الهدر في المواد.
أما من الناحية الجمالية، فاستُلهم التصميم من فكرة التقاء اليابسة بالبحر، ما نتج عنه هيكل انسيابي يحاكي حركة الأمواج، تتخلله شرفات معلّقة تشكّل منحنيات ناعمة تذكّر بالمنحدرات البحرية في المنطقة. واستُلهمت بعض تفاصيل التصميم الداخلي من العمارة العربية التقليدية، حيث تتباين الواجهات البيضاء البسيطة مع اللمسات الداخلية الغنية بالحجر والخشب والجلد.
يمتد النادي على أربعة طوابق، يضم الطابق السفلي منها الخدمات والمرافق التشغيلية، بينما يستقبل الطابق الأرضي الزوار ويوفر مساحات للتواصل الاجتماعي. وتُعد السلالم على الطراز الفينيسي أبرز عناصره المعمارية، حيث تصعد إلى الطوابق العليا التي تضم مطاعم ومرافق ترفيهية، وتنتهي عند سطح المسبح الكبير الذي يطل مباشرة على البحر المفتوح.
قلب ثقافة اليخوت في الخليج
الترفيه ليس سوى جانب واحد مما يقدمه نادي اليخوت في أمالا، فهو مُصمم ليكون المركز العصبي لثقافة اليخوت في المملكة العربية السعودية، والمحرّك الذي سيحوّل المملكة إلى وجهة بحرية عالمية في المستقبل.
يقود رؤية النادي أدريان بيت، الذي تولّى منصب المدير العام في مارس 2025. ويتمتع بيت بخبرة واسعة في مجال الفعاليات والخدمات البحرية، كما أمضى أكثر من ست سنوات في المملكة، وكان له دور رئيسي في إطلاق نادي ومرسى جدة لليخوت، وساهم بشكل كبير في تطوير ثقافة اليخوت في السعودية. واليوم، يمنحه منصبه في أمالا فرصة لجذب اهتمام عالمي غير مسبوق نحو المشروع، وللمساهمة في رسم مستقبل رياضة اليخوت في البحر الأحمر. ويأمل بيت أن يأتي اليوم الذي تُذكر فيه أمالا إلى جانب وجهات عالمية مثل موناكو عندما يُتحدث عن الرفاهية والثقافة البحرية.
ومن أبرز خططه للنادي إنشاء أكاديمية للإبحار تُعنى بتدريب جيل سعودي جديد من البحّارة، لتكون الأساس الذي تنطلق منه المملكة نحو المنافسات الدولية في مجال سباقات اليخوت الاحترافية.
السباق نحو أمالا
من المتوقع أن يكون نادي اليخوت في أمالا جاهز للتشغيل الكامل في مطلع عام 2027، تزامناً مع النسخة الخامسة عشرة من سباق “ذا أوشن ريس”. ويُعد هذا السباق مزيج من المغامرة والتحدي، ويُقام كل ثلاث أو أربع سنوات منذ انطلاقه عام 1973، جامعاً نخبة من أمهر البحّارة حول العالم.
كانت إنجلترا نقطة الانطلاق الأولى للسباق، لكن منذ عام 2008 أصبح ميناء أليكانتي الإسباني هو الموقع الرسمي لبدء الرحلة، التي تمتد عادةً عبر 9 إلى 10 موانئ دولية.
أما النسخة المقبلة، فستنطلق في يناير 2027، حيث سيبحر المتسابقون من أليكانتي باتجاه مسارٍ ينتهي في أمالا خلال فصل الصيف. ولن يكون هذا الختام مجرد محطة نهائية مميزة، بل تتويج رمزي لمكانة البحر الأحمر كمستقبل للثقافة البحرية في الشرق الأوسط.