سوثبيز تعرض مجوهرات غابرييلا سيسمان في دار مزادات باريس
تُعد دار سوثبيز مرجعاً عالمياً في عالم الفنون الجميلة والمنتجات الفاخرة، وتحظى بشهرة واسعة وتأثير كبير منذ عام 1744، مواصلةً سعيها نحو التميز من خلال مزاداتها ومعارضها الواسعة النطاق في جميع أنحاء العالم. وبفضل قدرتها على تحديد معايير الأسعار، واستقطاب كبار جامعي التحف، ودورها كمنصة للحوار الثقافي، تبقى دار سوثبيز رائدة في سوق الفنون الراقية.
مع اختتام عام حافل بالمبيعات القياسية، تُنهي سوثبيز عام 2025 بشراكة مميزة مع غاليري سيسمان لعرض مجموعة من إبداعات غابرييلا سيسمان الفريدة في مجال المجوهرات. يستضيف صالون سوثبيز الراقي في باريس شارع (83) فوبور سان أونوريه، هذا الحدث المفتوح للجمهور حتى 23 ديسمبر. وتُعتبر غاليري سيسمان، الرائدة في السوق الدولية للمنحوتات العتيقة، من أفضل المراجع في أوروبا لأعمال الفنانين القدامى.
في هذا المعرض، قدمت غابرييلا سيسمان مجموعة مختارة بعناية من القطع التاريخية والتحف الفنية العتيقة، أعيد تصميمها ببراعة لتصبح قطعاً فنية قابلة للارتداء. تحمل كل قطعة مرصعة بالمجوهرات، بصمة تاريخية وتعكس شغف الفنانة بالتاريخ. يُعد هذا المعرض دعوة لهواة جمع التحف لاقتناء قطع فنية تجمع بين عبق التراث والإبداع الفني، وتتميز بحداثتها وتفردها.

التاريخ والفن في كل مكان، لماذا لا نعكس ذلك في مجوهرات نرتديها؟
غابرييلا سيسمان من أبرز الشخصيات المؤثرة في مجالها، ومرجعٌ في فن النحت الأوروبي، إذ كرست حياتها المهنية للفن القديم. مكنتها نظرتها الثاقبة للتفاصيل، وحسها المرهف بالتناسب والجمال، الذي اكتسبته عبر عقود من الدراسة المتعمقة، من الانتقال إلى تصميم المجوهرات وتحويل القطع التاريخية إلى أعمال فنية معاصرة فريدة.
تؤمن غابرييلا سيسمان إيماناً راسخاً بمقولة دوستويفسكي "الجمال سينقذ العالم"، وتعيش وفقاً لهذه المقولة، واثقةً بأنه ضمن عالم غارق في السرعة والتشتت، سيلجأ المزيد من الناس إلى الفن طلباً للراحة. هكذا بدأت في ابتكار مجوهرات "أعمال فنية محمولة"، من كنوز الصاغة العتيقة التي حولتها إلى حلي عصرية.
قبل أن تتخذ أعمالها شكلاً قابلاً للارتداء، كان شغف غابرييلا بالفن متجذراً في رحلة عمرها في جمع التحف. انجذبت الفنانة إلى الدبابيس التاريخية، والصفائح الفضية، والتفاصيل النحتية المطلية بالذهب والفضة، والمعادن المؤكسدة، وبدأت تنظر إليها باعتبارها إمكانيات جديدة تنتظر أن تُطلق في الحياة المعاصرة على هيئة مجوهرات. ومن خلال ابتكار "أعمال فنية محمولة"، تمنح الفنانة القطع التاريخية وجوداً ثانياً، وتعيد تخيلها برؤية شخصية عميقة كامتداد ملموس لحوارها مع الماضي، مما ينتج عنه مجوهرات أصيلة.
تجاوز واعي للحدود الثقافية
لطالما شهد جمهور سيسمان عوالم متنوعة تتجلى في أعمالها، من خلال برنامجها الفكري والفني الذي دأبت على تطويره لأكثر من 25 عاماً. تتميز تقنيتها بتجاوزها الواعي للحدود، إذ تتنقل بين أزمنة وعصور مختلفة، من العصور الوسطى والكلاسيكية، مروراً بالإيطالية والفرنسية وشمال أوروبا، لتلتقي جميعها في حوار هادئ كجزء من تعبيرها الإبداعي. تنتمي الأعمال المعروضة في معرضها إلى جغرافيا ومعتقدات مختلفة، لا يجمعها التاريخ أو الرمزية فحسب، بل الحضور القوي المشترك.
تأثرت سيسمان بشدة بنشأتها المتنوعة. وُلدت لأب أرجنتيني وأم نمساوية، ونشأت بين الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين، ثم استقرت في فرنسا في أوائل التسعينيات للدراسة في مدرسة اللوفر وجامعة السوربون، وجهت اهتمامها إلى فن عصر النهضة، وأصبحت مؤرخة فنية متخصصة في عصر النهضة الإيطالي.
توجد أعمالها الآن ضمن مجموعة من المتاحف الدولية الرائدة، بما في ذلك متحف اللوفر في باريس ومتحف متروبوليتان للفنون في نيويورك.
معرض سيسمان
يتمتع معرض سيسمان بقدرة فريدة على اكتشاف روائع النحت الأوروبي القديمة التي طواها النسيان، وإعادة إبرازها للجمهور. ينطلق المعرض من شغفه بتتبع الأعمال المهملة، وإعادة صياغتها في سياقها التاريخي، والكشف عن مبدعيها الأصليين، واستعادة المعنى الحقيقي لهذه الإبداعات. تستند رسالة المعرض إلى خبرة واسعة ودقة متناهية، مما جعل غابرييلا وماثيو سيسمان مرجعين معترف بهما في فن النحت القوطي الفرنسي والألماني، ومستشارين موثوقين للعملاء وهواة الفن المتخصصين في هذا المجال. منذ بداياتهما في متحف اللوفر، وإلى الآن في معرضهما الحالي على رصيف فولتير، بنى الزوجان سمعة دولية مرموقة في هذا المجال، ليصبحا وجهةً أساسيةً مخصصةً بالكامل للنحت الأوروبي. تشمل القطع الفنية المعروضة في المعرض أعمالاً من العصور الوسطى، وعصر النهضة، والعصر الكلاسيكي و الباروكي، وصولاً إلى منتصف القرن الثامن عشر.
المجوهرات تمثل تاريخاً حياً
تؤكد القطع المعروضة في دار سوثبيز على المكانة الراسخة للمجوهرات في تاريخ الفن والنحت. تكمن ندرتها في احتفاظ الأعمال الفنية بالقيمة التي تحملها، حيث يمثل كل منها جزءاً من التاريخ الذي تحول إلى قطعة مجوهرات قابلة للارتداء.
من بين القطع الاستثنائية التي تتصدر المزاد، لوحة فرنسية دينية مصغرة من العصور الوسطى، حوالي عام 1420 رُسمت اللوحة بالجص الملون والمذهب، وهي مثبتة اليوم على طبق من الفضة المذهبة. يبلغ وزن هذه الجوهرة الروحانية 93.3 غرام، ويبلغ سعرها 34,886 دولار أمريكي.
ومن القطع النادرة الأخرى، قلادة ألمانية من عصر النهضة مزينة بمشبك فضي من أوائل القرن السابع عشر. أُعيد تصميم المشبك ليصبح قلادة من خلال قاعدة حديثة، مع الحفاظ على حضوره القوي وهويته النحتية. يُعرض بسعر 22,677 دولار أمريكي.
يضم المزاد أيضاً قلادة إيطالية فريدة من نوعها، تتوسطها لوحة تجسد تصوراً ليوم القيامة، نُفّذت على حجر عقيق بيضاوي في أوائل القرن السابع عشر، ويبلغ سعرها 26,165 دولار أمريكي. تُمثل هذه القطعة مزيجاً رائعاً بين الفن والمجوهرات، وتتميز بعمق ألوانها، فضلاً عن كونها مُثبتة على قاعدة من الفضة المطلية بالذهب، ومُعلقة بسلسلة مُطابقة.
يُجسد معرض سوثبيز ومزاده في باريس روح غابرييلا سيسمان الفنية ومعرض سيسمان خير تجسيد. إذ يُقدم المعرض قطعاً فريدة، ويحتفي بالحوار بين التحف التاريخية وإبداعات المجوهرات من العالم المعاصر.